الدينار الذهبي و حرب العملات – الجزء الأول
كما عودناكم .. على اختيار المواضيع الهامة .. وتقديمها لكم بأسلوب سهل .. مختصر .. ومميز (بإذن الله)
ما سر الفجوة في الوضع الاقتصادي العالمي الحالي :
يبلغ حاليا حجم إنتاج العالم كله من السلع والخدمات يبلغ حوالي 48 تريليون دولار ( بينما ) يبلغ حجم الأصول المتداولة في أسواق الأوراق المالية حوالي 144 تريليون دولار
وهذه الفجوة جاءت نتيجة الفرق بين الاقتصاد الحقيقي و الاقتصاد الورقي
الاقتصاد الحقيقي ( يقوم على المصانع والمزارع والمتاجر )
الاقتصاد الورقي ( يقوم على المؤسسات المالية كالبنوك وشركات السمسرة والتأمين وأسواق الأسهم وأسواق السندات والرهونات – والتي هي عبارة عن أسواق للديون – ، وقد أصبحت كل تلك المؤسسات والأسواق تقوم وتدار على المضاربات والرهون وشراء الديون والتزوير والإشاعات، وتدار كما تدار نوادي القمار ).
الجيل الجديد من الشركات :
وهكذا ظهر لدينا جيل جديد من الشركات ، ويعود السبب في كل ذلك نتيجة وجود خلل في النظام الرأسمالي ، حيث بدأت الرأسمالية بالرأسمالية التجارية ثم تحولت إلى الرأسمالية الصناعية ، ثم تحولت أخيرا إلي رأسمالية تقوم على رعاية مصالح فئة قليلة من أصحاب الشركات الورقية والتي بدأت تجعل من الرأسمالية أسلوب لتوليد الثروات من خلال اللعب في مصير ملايين البشر بالمضاربات ، وعلى ذلك نشأت وظهرت العديد من المجموعات المالية الضخمة لصالح مجموعة صغيرة من الأفراد المندفعين والمهتمين بمصلحتهم الذاتية بدون أي استناد إلى أي منطق اقتصادي أو حتى عملي أو مهني، بل حتى أنه لم يراعوا العملاء الذين يتعاملون معهم لا الموظفين الذي يعملون من أجلهم ، ولا حتى حملة الأسهم في تلك الشركات ، ونجد أن هذا النوع من الشركات هي شركات غير قابلة للإدارة ونشاطاتها ليست مفهومة حتى لمجالس إدارتها كما أثبتت أحداث علم 2008
وحتى تتأكد من ذلك ، أجلس لحظات وتأمل في حال أغلب الشركات والبنوك المحلية والدولية ، وستجد أن أكثرها يعاني من ذلك
هل أصبح الاقتصاد والناس يقادون مثلما تقاد قطعان الغنم :
لو تأملنا في حال أغلب – إن لم يكن كل – الناس على مستوى العام ، لوجدنا أنهم قد ابتعدوا وعزفوا عن الاستثمارات الحقيقية والإنتاجية كالصناعية والزراعية ، ودخلوا في مجال الاستثمار والمتاجرة في أسواق مثل أسواق الأسهم أو أسواق السلع وأسواق المشتقات ، حتى بدءوا بالدخول في أخطرها والذي هو أسواق العملات، والتي لا تستطيع قدرة الأفراد الضعيفة على المضاربة فيها مقارنة بقدرة البنوك العالمية التي تملك أدوات التحليل ولديها معلومات مستقبلية معتبرة، بعكس عمليات المضاربة العشوائية التي يعتمد عليها الأفراد أو شركات الوساطة الصغيرة ، وزاد” بل حتى البنوك المحلية وهي التي لديها أدوات أكبر مما يتملكه الأفراد لا تجرؤ على التعمق في أسواق العملات وتستعين بالبنوك العالمية للمشاركة في بورصات العملات أو في أسواق ”الخيارات” و”السواب””
هيا .. يا بلاش … سوق العملات يفتح أبوابه لكم
إن من أهم فوائد وإيجابيات الأزمات أنها تعطينا الخبرة وتكشف لنا الثغرات والنواحي التي كنا نتجاهلها أو نتغافل أو نتشاغل عنها ، لذلك يبرز الدور الهام للقيام بالدراسات والبحوث التي تكفل لنا عدم الوقوع في الأزمات أو على الأقل أن نحسن إدارتها وتوجيهها.
وكلنا يتذكر ما حدث في سوق الأسهم، والآن بدأ المستثمرين الأفراد في التوجه والدخول في عالم أسواق العملات، وقد أوضح الكثير من المستشارين الاقتصاديين أن أكبر معزز لاتجاه المستثمرين السعوديين في الفترة الأخيرة نحو أسواق العملات، هو عدم الاستقرار الكبير في تلك الأسواق، والتذبذب الحاد في أدائها والذي ينتج عنه أرباح جيدة ، وأضافوا أن ”هناك طلب مرصود من قبل السعوديين على المتاجرة بالعملات أو بالأحرى ”سوق المراهنات”، لقد سمح التذبذب في سعر اليورو والين والدولار خلال الأشهر الأخيرة بمنح المضاربين أرباحا مجزية، ويبدو أن ذلك شجع الآخرين، إلا أن المؤكد أن هذه السوق ليست مستقرة ويمكن أن تكبد البعض خسائر كبيرة أيضا”. (1)
ومن خلال هذه التوضيحات يتبن لنا مدى ما يتسم به سوق العملات في المرحلة الراهنة من غموض، ومخاطر عالية، التي هي نتيجة لعدة أسباب منها عدم اتضاح مسارها بسبب الأوضاع الاقتصادية في أوروبا وأمريكا، وكذلك نتيجة لتدني مستوى الفائدة المتوافر عالميا، إضافة إلى الحرب الدائرة بين بكين وواشطن حول أسعار الصرف
الدول تتدخل في أسواق العملات
في يوم 15 يوليو اقفل المؤشر على 71.87 وهو أدنى مستوى إغلاق جديد منذ التوصل إلى أدنى مستوياته القياسية في إبريل. بحسب ما يوضح الرسم البياني التالي.
ويوضح ارتفاع المؤشر المفاجئ بدلا من الاستمرار في النزول ، حيث عكس المؤشر مساره في ظروف غامضة، وارتفع خلال 12 يوم من أيام التداول ثم عاد وأغلق 74.55 ، ويعود السبب في ذلك إلى تدخل البنوك المركزية مثل بنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع وخفض أسعار الفائدة في محاولات لعلاج الكثير من المشاكل المالية والاقتصادية و معدل التضخم السنوي وخطط مشروع العجز في ميزانية الولايات المتحدة وخطط التحفيز الاقتصادي، وعندما تتدخل البنوك المركزية في أسواق العملات ، فإنها تبادل عملاتها مقابل الدولار.
وتستخدم الدولار لشراء أدوات الدين الحكومي الأميركي حتى تتمكن من كسب فائدة أعلى على أموالهم، وتقوم بربط ووضع صكوك الديون في حضانة لها في الاحتياطي الفيدرالي ، التي تقدم تقاريرها لهم عن هذا المبلغ أسبوعيا.
اليابان تتدخل في سعر الصرف :
في الشهر الماضي تدخلت السلطات اليابانية في أسواق الصرف، في أول خطوة من نوعها منذ آذار (مارس) 2004. وباع بنك اليابان، بالنيابة عن وزارة المالية، الين واشترى مبلغا يقدر بنحو 20 مليار دولار. وأسفر هذا الإجراء العدائي عن رفع سعر صرف الدولار من أدنى مستوى له في 15 عاماً إلى 85 يناً. ولعودة طوكيو إلى أسواق العملة تداعيات ملحوظة على أسعار صرف العملات، وعلى آفاق اليابان الاقتصادية، وعلى تنسيق سياسات أسعار الصرف العالمية. وهي تؤكد أيضاً كيف أن التجربة التي مرت بها اليابان بعد الفقاعة مستمرة في إعطاء أنموذج للاقتصاديات المتقدمة حول كيفية الرد على أزمة الائتمان. لم يعد الين رهاناً جيداً ضد الدولار. فقد تعرضت السلطات في طوكيو إلى قليل من النقد العلني من جانب شركاء اليابان التجاريين بسبب الإجراءات التي اتخذتها في الأسبوع الماضي. ونتيجة لذلك، من المرجح أن يعود بنك اليابان إلى التدخل في أسواق العملة إذا انخفض سعر الدولار إلى مستوى 83 – 84 يناً. وبما أن السلطات اليابانية تعمل من أجل إضعاف الين وليس تقويته، فإن باستطاعتها طبع كميات غير محدودة من العملة المحلية لتحقيق هذا الهدف. ومن الناحية النظرية، القيد الوحيد الذي تواجهه على هذا الصعيد هو خطر التضخم. لكن بما أن اقتصاد اليابان ما زال في قبضة الانكماش، فإن لدى السلطات القدرة والحافز لمنع الين من تحقيق مكاسب أخرى. وهذا يهم في وقت ينظر فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي في منح تسهيل كمي إضافي – وهي خطوة من شأنها ممارسة ضغط نزولي على الدولار. وتعني عودة اليابان إلى أسواق الصرف الآن أن الين لن يكون العملة المفضلة تلقائياً لدى المستثمرين الذين بدءوا يقبلون على الدولار.
ومن المرجح أن تشهد مزيداً من حالات التدخل من قبل الحكومات والبنوك المركزية في العقد المقبل. فقد زاد تذبذب أسعار الصرف منذ أن بدأت أزمة الائتمان. ومع انعدام اليقين الذي يكتنف عملية صنع السياسات وارتفاع معدلات النمو في اقتصاديات العالم الرئيسية، من المرجح أن تتذبذب أسعار الصرف بصورة حادة خلال الأعوام القليلة المقبلة. في العام الماضي بدأ بنك سويسرا الوطني التدخل من جانب واحد لمواجهة قوة الفرنك السويسري. وحذت السلطات في اليابان حذو سويسرا لكبح ارتفاع الين. إن اقتصاديات البلدان الغنية في العالم تتبع بطرق عديدة السبيل الذي اتبعته اليابان بعد الفقاعة التي شهدتها، وذلك خلال الفترة التي حدثت فيها أزمة الائتمان. ومثلما فعلت اليابان، أقدمت أيضا الولايات المتحدة، وكندا، والمملكة المتحدة، وسويسرا، ومنطقة اليورو على تخفيض أسعار الفائدة بشكل حاد، وارتفعت فيها الحجوزات المالية بشكل كبير، وتعين مد يد الإنقاذ للبنوك الكبيرة، واستحكم انخفاض معدل النمو وظل خطر الانكماش مخيماً. وعلى نحو مشابه، من المرجح أن يتم السير على خطى اليابان في تدخلها مجدداً في أسواق العملات وذلك من قبل الاقتصاديات الرئيسية الأخرى عندما تتعرض هي كذلك إلى تذبذب شديد في أسعار صرف عملاتها. ولعل هذا هو السبب في عدم تذمر شركاء اليابان التجاريين كثيراً من الإجراء التي اتخذته في الأسبوع الماضي.
الصين تدخل في لعبة أسواق العملات :
قال مارتن وولف : هل جاء الوقت لخوض حرب عملات مع الصين؟ يبدو الجواب بشكل متزايد بالإيجاب. العوامل السياسية والاقتصادية التي تؤيد شن هجوم على سعر صرف العملة الصينية مقنعة بصورة متزايدة. بسبب ما تقوم به الصين من التأثير في سوق العملات.
وقال بطبيعة الحال، فإن فكرة خوض الحرب مزعجة جداً. لكنني لم أعد أعتقد أن هناك بديلاً عنها. وطرح عدة تساؤلات من أهمها هل سيكون ضرر ما تقوم به الصين محدودا وإذا كان فمن يضمن عدم دخول بلدان أخرى
فالعذر الذي تقوله الصين هي أنها عبر الإبقاء على سعر صرف عملتها الحقيقي منخفضاً، تدعم إنتاج صادراتها وبدائل وارداتها. ولكن مارتن قال بما أن الصين أكبر مصدر في العالم حالياً وهي تقوم بهذا العمل، فهذا يعتبر تشويهاً كبيراً للتجارة العالمية. (2)
وقد أصبحت الصين تملك في الوقت الحاضر أكبر احتياطيّ نقدي عالمي يصل إلى أكثر من 2 تريليون دولار، ويزداد هذا الاحتياطي سنويا بما يعادل 200 بليون دولار سنويا، ووصلت صادراتها الخارجية إلى 2,5616 تريليون دولار عام 2009، واستثماراتها الاجنبية إلى 852 مليار دولار تنتشر في معظم دول العالم وخاصة الصناعية منها.
مجموعتا العشرين والسبع تخوضان في ملف «حرب العملات» :
بدأت الصحف تتسابق في كتابة العديد من العناوين الني تظهر من خلالها أن “حرب العملات” تحتدم بين الاقتصاديات العالمية الكبرى التي اجتمع وزراء ماليتها أمس في واشنطن لمناقشة الموضوع في إطار مجموعتي العشرين والسبع، في ظل أمل ضعيف بالتوصل إلى حل هذا الأسبوع ، وقد شهدت الأسابيع الفائتة تصاعدا للتوتر الكلامي بين قادة الدول الصناعية الكبرى والنامية في مجموعة العشرين حيث تراشقوا الاتهامات سواء بتعمد إضعاف عملاتهم لتعزيز موقع مصدريهم أو بممارسة الضغوط كي يدعم الآخرون عملاتهم. وكان وزير المالية البرازيلي جويدو مانتيجا أول من استخدم عبارة “حرب العملات” في 27 سبتمبر ثم بدأ استخدامها حول العالم.
وبالرغم من إبداء كبار المسؤولين الماليين رغبة في حل المشكلة فإن حساسية الإشكاليات وتعدد الدول الضالعة سيؤول في أحسن الأحوال إلى وضع مسودة تسوية غير ملزمة على غرار ما بات من اختصاص مجموعة العشرين.
وصرح مدير عام صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كان أول من أمس”لن تحل هذ المسألة في خمس دقائق. إنها مشكلة طويلة الأمد”.
والتزمت مجموعة العشرين رسميا في سبتمبر 2009 تعزيز “النمو المتوازن” للاقتصاد العالمي. لكنها بعيدة عن هذا المسار، بين الولايات المتحدة التي تغرق نظامها المالي بالسيولة والأوروبيين الذين يتشددون في سياستهم المالية واليابانيين الذين يتدخلون لتخفيض قيمة الين، والصينيين الذين يضاعفون الاحتياطي من العملات الأجنبية لإبقاء قيمة اليوان منخفضة.
وحذرت اليابان من أنها لن تعدل عن صد ارتفاع سعر الين الذي بلغ أعلى مستوياته منذ 15 عاما مقابل الدولار. غير أن تحرك اليابان يرمي إلى “تصحيح التحركات المفرطة، لا لإيصال الين إلى مستوى معين على الأمد الطويل” على ما أكد وزير المالية الياباني يوشيهيكو نودا أمس.
أما رئيس مجلس وزراء المالية في منطقة اليورو جان كلود يونكر فقد دعا الصين إلى رفع سعر اليوان. وقال في مؤتمر في واشنطن على هامش النقاشات “لسنا راضين عن سعر الصرف الحالي للعملة الصينية”. ولن تكون أسعار الصرف نقطة النقاش الوحيدة على جدول أعمال الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي. فالمسألة الطارئة التي ينبغي حلها هي الأزمة التي بدأتها الولايات المتحدة على مستوى مجلس إدارة الصندوق حيث يطرح التمثيل الزائد للأوروبيين مشكلة. لكن لا يبدو مرجحا توصل الأطراف المشاركة إلى صيغة جديدة نظرا إلى التباعد الكبير في مواقفها.
وللحديث بقية بإذن الله في الجزء الثاني من هذا الموضوع الهام
مع تحيات أخوكم / فايز فرحان العنزي
(1) الدكتور عبد الوهاب أبو داهش
(2) مارتن وولف في مقالة له ترجمتها جريدة الاقتصادية 09/10/2010
(3) جريدة الوطن نقلا عن واشنطن: أ ف ب 09/10/2010
ملاحظة :
أعتذر في حال وجود أي أخطاء في الطباعة أو التعبير، وذلك لضيق الوقت وكثرة المواضيع الهامة وأيضا بحكم عدم التفرغ نظرا للارتباط الوظيفي، وأرحب وأقدر أي مساعدة أو مساهمة من جانبكم ، لأننا كما قلنا بأننا ندعو الرحمن أن يكون الهدف والغاية من هذه المدونة هو تحقيق الفائدة للجميع ، و ( رب مبلغ أوعى من سامع )
مع تحيات أخوكم فايز فرحان العنزي Fayez ALanazi
اترك تعليقًا